قصة توبة زانية

*🌌قصه توبة زانية 🌌*
قصة توبة يقول الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله: حدثني الأستاذ أحمد حسن الزيات صاحب الرسالة، عن شيخ سماه ونسيت أنا اسمه، قال: كان هذا الشيخ مدرسًا، لا يعرف من الدنيا إلا الجامع الازهر الذي يدرس فيه، والبيت القريب منه الذي يسكنه، والطريق بينهما. فلما طالت عليه المدة، وعَلِيَتْ به السن، واعتلت منه الصحة، احتاج إلى الراحة، فألزمه الطبيب بها وأشار عليه أن يبتعد عن جو العمل وعن مكانه، وأن ينشد الهواء في البساتين والرياض وعلى شط النيل. فخرج فاستوقف عربة، ولم تكن يومئذ السيارات، وقال له: خذني يا ولدي إلى مكان جميل أتفرج فيه وأستريح. وكان صاحب العربة (العربجي) خبيثا فأخذه إلى طرف الأزبكية، حيث كانت بيوت المومسات، وقال: هنا. قال: يا ولدي لقد قرب المغرب فأين أصلي؟ خذني أولا إلى المسجد. قال: هذا هو المسجد. وكان الباب مفتوحاً، وصاحبة الدار قاعدة على الحال التي يكون عليها مثلها. فلما رآها غض بصره عنها، ورأى كرسياً فقعد عليه ينتظر الآذان وهي تنظر إليه، لا تدري ما أدخله عليها، وليس من رواد منزلها ولا تجرؤ أن تسأله، منعتها بقية حياء، قد يوجد الصلاح حتى عند المومسات، وهو يسبح وينظر في ساعته، حتى سمع آذان المغرب من بعيد، فقال لها: أين المؤذن؟ لماذا لا يؤذن وقد دخل الوقت؟ هل أنت بنته؟ فسكتت. فانتظر قليلاً، ثم قال: يا بنتي المغرب غريب، لا يجوز تأخيره، وما أرى هنا أحداً، فإن كنتِ متوضئة فصلِ ورائي، تكن جماعة. وأذن، وأراد أن يقيم، وهو لا يلتفت إليها، فلما لم يحس منها حركة قال: مالَكِ؟ ألستِ على وضوء؟ فاستيقظ إيمانها دفعة واحدة، ونسيت ما هي فيه، وعادت إلى أيامها الخوالي، أيام كانت فتاة عفيفة طاهرة، بعيدة عن الإثم، وراحت تبكي وتنشج، ثم ألقت بنفسها على قدميه، فدهش، ولم يدر كيف يواسيها وهو لا يريد أن ينظر إليها، أو أن يمسها. وقصت عليه قصتها، ورأى من ندمها وصحة توبتها ما أيقن معه صدقها فيها، فقال: اسمعي يا بنتي ما يقول رب العالمين {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} جميعًا يا بنتي جميعًا، إن باب التوبة مفتوح لكل عاصٍ، وهو واسع يدخلون منه فيتسع لهم، مهما ثقل حملهم من الآثام، حتى الكفر، فمن كفر بعد إيمانه، ثم تاب قبل أن تأتيه ساعة الاحتضار وكان صادقا في توبته، وجدد إسلامه فإن الله يقبله. الله يا بنتي أكرم الأكرمين، فهل سمعت بكريم يغلق بابه في وجه من يقصده، ويلجأ إليه، معتمدا عليه!؟ قومي اغتسلي، والبسي الثوب الساتر، اغسلي جلدك بالماء وقلبك بالتوبة والندم، وأقبلي على الله، وأنا منتظرك هنا، لا تبطئي لئلا تفوتنا صلاة المغرب. ففعلت ما قال، وخرجت إليه بثوب جديد، وقلب جديد، ووقفت خلفه، وصلت صلاة ذاقت حلاوتها، ونقت الصلاة قلبها. فلما انقضت الصلاة، قال لها: هلمي اذهبي معي، وحاولي أن تقطعي كل رابطة تربطك بهذا المكان ومن فيه، وأن تمحي من ذاكرتك كل أثر لهذه المدة التي قضيتها فيه، وداومي على استغفار الله، والإكثار من الصالحات فليس الزنا بأكبر من الكفر. 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ملف PDF يحتوي على جميع نماذج اختبارات الصف الثالث ثانوي اليمن حضرموت 2019

قصة المعلم والطالب اليتيم